قال الحكيم، وهو يهزّ أقفاله الرمادية: «في شبابي،
حافظت على مرونة أعضائي،
باستعمال هذا الدهن، وهو بخمسة شلنات للعلبة الواحدة
اسمحوا لي أن أبيعكم بعضًا منه».
ما هو المال؟ نحن نستعمله كل يوم، ولكن صعوبة إجابة هذا السؤال مدهشة. نحن معتمدون على المال في كل كبيرة وصغيرة، وإذا قلّ في أيدينا أصبحت حياتنا صعبةً جدًّا. ومع هذا، قليلًا ما نفكّر في الشيء الذي قيل إنه يُجري العالم. أجبرني البيتكوين على أن أجيب هذا السؤال مرة بعد مرة: ما هو المال؟
في عالمنا «الحديث»، يفكّر الناس على الأرجح بقطع من الورق إذا تحدثوا عن المال، ولو أن معظم أموالنا ليست إلا رقمًا في حساب مصرفي. نحن من الآن نستعمل أصفارًا وواحدات لتمثّل أموالنا، فكيف يختلف البيتكوين؟ البيتكوين مختلف لأن جوهره نوع من المال مختلف جدًّا عن النوع الذي نستعمله اليوم. لنفهم ذلك، سنحتاج إلى أن ننظر نظرة قريبة إلى تعريف المال، وكيف يصبح مالًا، ولمَ استُعمل الذهب والفضّة في معظم التاريخ التجاري.
«بهذا المعنى، فهي أقرب إلى المعادن النفيسة. لأن معروضها لا يتغير للحفاظ على قيمتها، بل يبقى معروضها ثابتًا وتتغير القيمة.»
ساتوشي ناكاموتو
صَدَف البحر، الذهب، الفضة، الورق، البيتكوين. في النهاية، المال هو ما استخدمه الناس كمال، مهما كان شكله ونوعه، وإن كان بلا شكل ولا نوع.
المال اختراع عبقري. العالم من دون مال عالم معقّد تعقيدًا جنونيًّا: كم سمكةً ستشتري لي حذاءً جديدًا؟ كم بقرةً ستشتري لي بيتًا؟ ماذا إذا كنت لا أحتاج أي شيء اليوم، ولكنني أريد أن أتخلص من تفّاحاتي التي أوشكت على التعفّن؟ لن تحتاج إلى كثير من التخيل لتعرف أن اقتصاد المقايضة عاجزٌ عجزًا كبيرًا.
الأمر العظيم في المال هو أنه يمكن مقايضته بأي شيء آخر، هذا هو ابتكار المال. كما لخّص نيك زابو في كتابه التقبيض: أصول المال، نحن البشر استعملنا كل شيء مالًا: الخرز من المعادن النادرة كالعاج، والصدف، والعظام الخاصة، وأنواعًا من الحلي، ثم معادن نادرة كالفضة والذهب.
ولأننا مخلوقات كسولة، لا نفكر كثيرًا في الأشياء التي تعمل ولا بأس به. المال، بالنسبة لمعظمنا، يعمل ولا بأس به. كالحال مع سياراتنا وحواسيبنا، معظمنا لا يُجبَر على التفكير بالتفاصيل الداخلية لهذه الأشياء إلا عندما تتعطل. الناس الذين رأوا مدّخرات حياتهم تختفي بالتضخم المفرط، يعرفون قيمة المال الصعب، كما يعرف الناس الذين رأوا نهاية أصدقائهم وأهلهم في فظاعات ألماني النازية وروسيا السوفييتية قيمة الخصوصية.
القضية في المال أنه جامع لكل شيء. المال نصف كل معاملة، وهو ما يعطي الناس الذين يتحكموا بخلق المال قوة عظيمة.
«مع العلم أن المال نصف كل معاملة تجارية وأن حضارات كاملة قامت وسقطت بناءً على قيمة مالهم، نحن نتكلم عن قوة جميلة، تطير تحت غطاء الليل. إنها القوة التي تحيك الأوهام التي تظهر حقيقة ما دامت. إنها جوهر قوة الاحتياطي الفدرالي.»
رون بول
يزيل البيتكوين هذه القوة سلميًّا، لأنه يلغي خلق المال ومن دون استعمال العنف.
مرّ المال بتطورات كثيرة. كانت معظم التطورات جيدة. حسّنت هذه التطورات المال بطريقة أو بأخرى. ولكن مؤخرًا، فسدت أعمال المال الداخلية. اليوم، معظم أموالنا تخلقها السلطات من لا شيء. لأفهم كيف حدث هذا وجب علي تعلّم تاريخ المال وانحداره.
لم يظهر بعد إذا كان إصلاح هذا الفساد محتاجًا إلى سلسلة من الكوارث أو إلى مجرّد جهد تعليمي ضخم. أدعو آلهة المال السليم أن يكون الجواب هو الأخير.
علّمني البيتكوين ما هو المال.