المقال الأصلي | المؤلف: Parker Lewis | ترجمة: BTCTranslator | تاريخ الكتابة: نوفمبر 2019
إذا سمعت يومًا في حياتك (أو إذا كنت تصدّق) أنّ البيتكوين أداة يستعملها المجرمون، فقف وخذ عيّنة سريعة من أصحابك وأسرتك، من الذين تشكّ في امتلاكهم للبيتكوين، ثم اسأل نفسك إذا كانوا مجرمين معروفين. نعم لقد ذاعت حالات كثيرة استخدم فيها المجرمون البيتكوين، ولأن المشكّكين لا يعرفون سببًا آخر لاستعماله، أصبح استعماله لأهداف غير قانونية هو الافتراض الأوّلي. هذا الافتراض مبنيّ عمومًا على الرأي القائل إن البيتكوين أدنى من الدولار، سواءٌ بسبب الاعتقاد بأنه متقلّب جدًّا أو بطيء جدًّا، أو لأنه ليس واسع القبول في المعاملات اليومية; بهذا الإطار العقلي المعيب، يصبح التفسير المنطقي أنه من الناحية العملية، لن يستعمل أحد البيتكوين إلّا بهدف تسهيل نشاط غير قانوني، بأن يتّخذه وسيلة للترّب من سلطة القانون. قد يدّعي أحد النوّاب أو أمناء الخزانة هذا الادعاء، ولكن من حسن الحظ، فالبيتكوين ليس للمجرمين، بل هو لكل الناس.
«إن الغايات الواضحة للبيتكوين سواءٌ أكانت نقل خدمات وسلع غير قانونية، أو كانت قمارًا مضاربيًّا، تجعلني سائمًا من استعماله».
رسالة إلى المشرّعين من السيناتور جو مانشن (فبراير 2014)
إذا كان استعمال البيتكوين الأساسي استعمالًا غير شرعي، فقد يتبع منطقيًّا أن المستخدمين معظمهم مجرمون. ولمّا كان هذا الافتراض خاطئًا، كانت الحجج التالية التي نسمعها كثيرًا عن وجوب حظر البيتكوين لمنع هذه النشاطات حججًا غير تامّة، تخرّ الماء. إن القاعدة التي تقوم عليها هذه الفكرة هي الاعتقاد الخاطئ بأن البيتكوين أدنى من الدولار، وهو في الواقع أعلى من أي نوع من المال وُجد من قبل، بفضل معروضه الثابت (انظر البيتكوين له غطاء أو البيتكوين ليس مخطّطًا هرميًّا). يشكّل معروض البيتكوين الثابت أساس الطلب للبيتكوين، سواءٌ أكان متعلّقًا بنشاط إجرامي أو لم يكن. وبغض النظر عن عدد التعاملات اليومية التي يسهلها البيتكوين، فإنه يستعمل كل يوم وسيلةً للتوفير، عصيّة على الرقابة والتضخم. ولا شك أن البيتكوين يستعمله أصحاب المخدّرات والمجرمون في الإنترنت المظلم. ولكن القول بأن استخدامه الأساسي هو هذا أو بأنه يجب أن يحظر من أجل هذا، قول غير منطقي. إنه من التعارض المنطقي أن تشكّل رأيًا تقول فيه إن البيتكوين فعّال بما يكفي ليكون عملة للمجرمين، ثم تنفي في الوقت نفسه مقتضى هذا، وهو أن البيتكوين فعّال لكل الناس.
ولكن قبل أن نقلب سرديّة المخدّرات هذه رأسًا على عقب، فلنعترف أوّلًا أن المجرمين يعتمدون على أي عدد من نقاط الوصول التي تشيع فيها التجارة، لا البيتكوين فقط. الطرقات، والإنترنت، وخدمة البريد، والمطارات، والنظام البنكي، وغير ذلك كثير. نعم، كلها يستعملها المجرمون ولطالما سهّلت الجرائم. ولكن، يستعمل المجرمون كل هذه الأشياء في حياتهم العادية أيضًا، لا لتسهيل الجرائم. هنا يسقط كل منطق وجوب حظر البيتكوين لأنه يمكن الأنشطة الإجرامية. الجرائم جرائم. لا وجود لشيء في الأدوات التي يستعملونها لتسهيل جرائمهم يجعلها إجرامية في نفسها. استعمال البريد لإرسال رسالة إلى أمك ليس جريمة. ولكن استعماله لإرسال مخدّرات احتيال بريدي. كذلك، استعمال الدولار لشراء ورود لأمك، لا شيء فيه. ولكن شراء المخدّرات بالدولار (أو بالبيتكوين)، جريمة. على الرغم من استعمال المجرمين، لم نسمع أحدًا ينادي بحظر الطرقات أو الإنترنت أو البريد أو غير ذلك. ولم نر كذلك أي مدافعين عن المصلحة العامّة ينادون بحظر الدولار، الذي يبدو أنه عملة تمويل المجرمين المفضّلة في كل مكان. نعم، خوف النشاط الإجرامي قد استُعمل للاعتداء على حقوق المواطنين الملتزمين بالقانون في كل مكان، ولكن الاعتقاد بوجوب حظر البيتكوين لأن بعض تجّار المخدرات استعملوه ليس مختلفًا عن النداء إلى حظر الدولار للسبب نفسه.
تفويت الفكرة
يصبح هذا الرأي أقلّ قوّة بكثير عندما نفهم أن البيتكوين ليس فعليًّا للمجرمين، ولكن لنفهم هذا، علينا أن نفهم أوّلًا أن البيتكوين للمجرمين. إنها مفارقة. الفكرة كلها تُقلب رأسًا على عقب عندما ننظر إليها من المنظور الصحيح. الحقيقة أن المجرمين يمكن أن يستعملوا (وقد استعملوا) البيتكوين لتسهيل التجارة، ليست إلّا دليلًا على أن البيتكوين يمكن استعماله لتسهيل أي تجارة. إن وجود استعمال للبيتكوين عمل فيه موقع سِلْك رود Silk Road، وسهّل معاملات فيها مخدّرات وسلَع ممنوعة أخرى مع استعمال البيتكوين للبيع، لا يغيّر شيئًا من الحقيقة الأوسع: أن البيتكوين يعمل. ولكن الباحثين في البيتكوين يغضّون النظر عن هذا، ويحاولون إثبات العكس، أن نسبة حوالات البيتكوين المستعملة لأغراض غير شرعية نسبة صغيرة. من ذلك هذا العنوان من السنة الفائتة:
«دراسة جديدة تجد أن نسبة معاملات البيتكوين غير الشرعية على المنصّات أقل من 1%».
كوين سنتر، يناير 2018
قد يكون الكلام صحيحًا، ولكن هذه السرديّات المضادّة تحارب على الجبهات الخاطئة. إذا كانت تجربة موقع سِلك رود أظهرت أي شيء، فإنما أظهرت أن الأفراد يقبلون البيتكوين وسيلةً للدفع مقابل سلعهم وخدماتهم. ليس مهمًّا أن معظم السلع في الموقع كانت ممنوعة. لقد كان هذا الموقع، الذي يقدّر أنه سهّل مليونًا ونيّفًا من المعاملات، من التجلّيات الأولى لاستعمال البيتكوين في الواقع. فنعَم، البيتكوين يُستعمَل الآن وقد استُعمل من قبل لتجارة المخدّرات، لكنه استخدام واحد له لم يثبت إلا فائدته العامّة، لا أكثر. وبالحديث عن شراء المخدّرات، لم يزل الدولار مفضّلًا على البيتكوين بين التجّار وإن كانوا بالعموم يعرفون البيتكوين ويستطيعون قبوله. سواءٌ في الردّ على سِلك رود أو غيره، كل من يستنتج أن «البيتكوين يعمل للمخدّرات» يخفق في رؤية الغابة من وراء الأشجار. النتيجة الأوضَح والمحطّمة للافتراضات، هي أن البيتكوين يعمل. نقطة.
إذا كان البيتكوين يعمل مع تجّار المخدرات لتسهيل التجارة، فلم لا يعمل ليسهّل أي نوع آخر من التجارة؟ لا يتطلب الأمر كثيرًا من الخيال لإمضاء هذا المنطق. إذا قبل الرجل أ البيتكوين لبيع السلعة ب، فهل يجوز أن أي رجل قد يقبل البيتكوين مقابل أي عملة بصرف النظر عن هوية الرجل وعن طبيعة السلعة؟ في حالة سِلك رود، لعلّ أن تجار المخدرات لم يفهموا سبب عمل البيتكوين، ولكنه عمل بكفاءة كافية ليقبلوا الدفع به. يبدو أنهم فهموا أن للبيتكوين طلبًا سوقيًّا كافيًا يجعله مقبولًا من حيث هو وسيط للمقايضة. ولأنه وفّر آلية إلكترونية لتسهيل المعاملات، فتح البيتكوين سوقًا وآلية سوق لم يكونا ليفتحا من دونه. أحببته أم كرهته، لم يكن الأمر إلا توظيفًا سوقيًّا للتقانة.
على الرغم من وجود البيتكوين، لم يترك تجّار المخدرات الدولار، بل ظلّ عملتهم المفضّلة. ولا توقّفوا عن غسل المال في النظام البنكي. لم يستعمل تجّار المخدّرات في سلك رود البيتكوين ليتجنّبوا حفظ النظام فقط، ولا اختفت تجارة المخدرات بالدولار فجأة عند ظهور البيتكوين، بل استعمل هؤلاء التجّار البيتكوين لأنه فعّال ولأنه يفي بحاجة سوق. إذا لم يكن البيتكوين فعّالًا ولم يكن متوقّعًا أن يحفظ عتبة معينة من القيمة على أفق زمني معين، لم يكن ليستعمل وسيلة للدفع في سلك رود. فتجّار المخدرات لا يريدون أن يخسروا أموالهم في النهاية. ولكن الأهم من ذلك، عندما يشجب أي أحد البيتكوين بالقول إن المجرمين يستعملونه لأغراض ممنوعة، سواء أكان أمين الخزانة أم كان نائبًا في الكونغرس، يجب أن نسأل: لمَ صلُح البيتكوين وسيلةً لتسهيل التجارة في المقام الأول؟
الاختبار الحاسم
إن التركيز على المجرمين يشتّت عن السؤال الأهم والنتيجة الأهم. إذا كان البيتكوين يصلُح للمجرمين، فإنه يصلح لكل الناس، وإذا كان البيتكوين عملة صالحة، فيجب أن يصلح لكل الناس، المجرمين وغير المجرمين. ولكن هذا ليس ترويجًا للأنشطة الإجرامية باستعمال البيتكوين وسيلة تمويل، بل هو معرفة لخصائص البيتكوين التي تجعله فعّالًا في المقام الأول. النشاط الإجرامي اختبار حاسم. إذا لم يصلح البيتكوين لتجّار المخدّرات، فهو لا يصلح لأحد. ولكن إذا صلُح لهم، فهو صالح للكل. إذا أمكَنت رقابة (أو منع) حوالات البيتكوين المتعلّقة بأي نشاط أو أي فرد، فممكنة كذلك رقابة (أو منع) أي نشاط وأي فرد. وإذا كان للرقابة هدف أوّلي من حيث الأنشطة والأفراد، فهو الأنشطة الجنائية. لقد بدأت المحاولات فعلًا.
«لقد عاقب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لقسم الخزاة الأمريكية 3 أفراد صينيين مع عناوين محافظهم الرقمية، إذ اتهمهم بانتهاك قوانين غسل الأموال وتهريب المخدرات […] وقد ذكرت الوكالة عددًا من عناوين البيتكوين […] تدّعي أنها تنتمي لهؤلاء المواطنين الصينيين».
كوين دسك، أغسطس 2019
اعلم أنه في هذا السياق، كونُ البيتكوين «يعمل» أو «يصلُح» إشارة إلى طبقة البروتوكول في الشبكة. سواءٌ أرادت شركة ما أو فرد ما أن تقبل أو ترفض حوالة من عنوان عاقبه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، وسواءٌ أجمّدت مؤسسة مالية حسابًا فيها مرتبطًا بهذه الأصول أو لا، كل هذا ليس له كبير أثر على حيوية البيتكوين على المدى الطويلة. المهم هو هل تقبل الشبكة تحقيق حوالة من هذا العنوان أو تقبل كتلة تحوي حوالة كهذه. بعبارة أخرى: المهم هو هل يرفض المعدّنون والعقد هذه الحوالة وإن كانت صالحة حسب قوانين إجماع الشبكة. البيتكوين صالح من حيث هو عملة بفضل لامركزيته. لكن اللامركزية ليست هدفًا في ذاتها. الهدف هو المناعة على الرقابة. وحماية المجرمين ليست هدفًا. حماية المستوى الجذري لعمل العملة هدف.
المناعة على الرقابة لا تتجزّأ، إمّا أن تكون وإمّا ألّا تكون
المناعة على الرقابة هي خصيصة الشبكة الأهم لأنها تضمن أن قوانين الشبكة لا تتغير اعتباطيًّا ولا تطبّق على ناس وناس، ومن دونها لن يعمل النظام كله. أهم هذه القوانين هي الندرة المحدودة للعملة نفسها. المناعة على الرقابة تحفظ الندرة، والندرة تحفظ المناعة على الرقابة. إن مناعة البيتكوين على الرقابة تزداد مع توسّع الشبكة لأنها لامركزيتها تزيد مع الوقت. مع تزايد قبول البيتكوين، يتملّك كل فرد (بالمتوسّط) حصّة أصغر وأصغر من معروض الشبكة المحدود، وهذه الندرة هي التي تجرّ الاعتماد. ومع تزايد لامركزية الشبكة، تزداد صعوبة رقابتها على أي فرد أو شركة. ولكن، في أي وقت من الأوقات، معرفة هل الشبكة منيعة بما يكفي على الرقابة غير ممكنة. لكن المناعة على الرقابة تنقاس باختبار الوقت وبكل محاولة مخفقة للرقابة.
من وجهة نظر عملية، خطر الرقابة آتٍ من جهتين: إجبار الشبكة على تغيير قوانين إجماعها، أو رفض حوالات صالحة. بالتصميم، يستطيع كل أحد أن يصل إلى شبكة البيتكوين من دون ترخيص بتشغيل عقدة كاملة. كل عقدة تستطيع بثّ حوالات إلى بقية الشبكة، وكل عقدة تتحقق من كل تاريخ سلسلة الكتل مع كل كتلة جديدة، إذ تحاكمها إلى مجموعة مشتركة من القوانين. بهذه العملية، تستطيع العُقَد الموزعة في العالم الوصول إلى إجماع عام عن حالة ملكيّة البيتكوين عبر الشبكة، على أساس لامركزي من دون الثقة بأي مشارك آخر. قوانين الإجماع في البيتكوين هي اللغة المشتركة التي تنظّم عمل كل الأقران في الشبكة، لا تقرر جهة واحدة القوانين، بل يدخل الناس بإرادتهم. لو كان ممكنًا أن تفرض أي سلطة مركزية تغييرًا على الشبكة أو أن تؤثر على النشاط فيها بطريقة ترفض فيها حوالات صالحة، لكان هذا دليلًا على أن الشبكة ليست لامركزية بما يكفي لمنع الرقابة.
ولكن ماذا عن المجرمين وما علاقة هذا بهم؟ لو كان ممكنًا حظر أي نشاط إجرامي في الشبكة، سواء بمنع الوصول إليها أو برفض الحوالات المؤكّدة، لكان هذا دليلًا على أن الشبكة ليست لامركزية بما يكفي لضمان المناعة على الرقابة. شبكة البيتكوين لا تعرف الإجرام ولا تعريفه. إنها شبكة حيادية أخلاقيًّا وسياسيًّا. كل ما تفهمه الشبكة (عند تحقيق الحوالات) هو قوانين الإجماع فيها، إنه نظام دوري مغلق. حوالة البيتكوين تكون صالحة إذا وافقت قوانين إجماع الشبكة، وإن لم تكن، فكل الرهانات خاسرة. إذا أمكن حظر النشاط الإجرامي، فهذا دليل على إمكان حظر أي نشاط. ولكن الأمر لا ينتهي هنا. إذا أمكنت رقابة أي نشاط في الشبكة، فمعناه أن الشبكة كلها قابلة للرقابة. إذا ظهر إمكان منع أو حظر أي حوالة، فهذا دليل على أن قوانين إجماع الشبكة هي أيضًا في خطر.
البيتكوين لا يمكن أن يكون منيعًا على الرقابة قليلًا، كما أنّك لا يمكن أن تكوني حاملًا قليلًا.
المناعة على الرقابة لا تتجزّأ، إمّا أن تكون وإمّا ألّا تكون. وإذا لم تكن، فكل شيء في خطر، حتّى المعروض الثابت وهو واحد وعشرون مليونًا. إن هذا العدد وضمان ندرته يؤسس لكل دافع اقتصادي آخر يتيح للشبكة أن تعمل وتُراكم القيمة، حتى الآلية التي تصل بها الشبكة إلى الإجماع. إن قبول أن شبكة البيتكوين ستكون دائمًا متاحة إلى حدٍّ ما للأنشطة الممنوعة ليس قولًا لبرتاريًّا. بل هو إقرار بأن عمل البيتكوين وقوّته من حيث هو نظام عملة، يستلزمان أن يكون متاحًا للجميع. إذا استطاع أي أحد منع أي أحد من استعمال الشبكة، سواء أكان فردًا أم منظمة أم دولة، فالبيتكوين إذن في خطر الإخفاق. الرقابة في البيتكوين في طبقة البروتوكول ليست مكافئة لحظر بايبال لفرد أو شركة، ولا هي مكافئة لإغلاق بنك أمريكا حسابًا أو رفض فيزا لحوالة. البيتكوين مُصدر عملة وطبقة تسوية. أي نوع من الرقابة يهدم النظام بالكامل، لذلك فأكثر الأنشطة عرضة للرقابة اختبار حاسم لبقية الشبكة. إذا لم يمكن حظر أشدّ الأنشطة خطرًا، فهذا دليل على أن البيتكوين يعمل في كل الأحوال.
البيتكوين للجميع
في النهاية، يمثّل البيتكوين تقدّما تقنيًّا في التنافس العالمي على المال، فهو الخليفة المتفوّق للذهب وأنظمة العملات الحكومية، حتى إذا لم يكن فهم هذا الأمر تامًّا أو شائعًا اليوم. وتوسيعًا للفكرة المذكورة في «البيتكوين لا يمكن حظره»، كلّ من ينادي بحظر البيتكوين لأنه يمكّن النشاط الإجرامي، يقرّ في الوقت نفسه ولا بدّ بأن البيتكوين صالح من حيث هو عملة. نتيجة ذلك، إذا صلح البيتكوين في تسهيل التجارة المتعلّقة بالأنشطة الممنوعة، على الرغم من كل السلطة التشريعية، فمن باب أولى هو صالح لتسهيل أي نوع من التجارة، وهذا يشمل التجارة بين المواطنين الملتزمين بالقانون. عمليًّا، العمل في هذا الواقع وإدراك أن البيتكوين مورد نادر ندرة مطلقة، يدلّ على استحالة حدّه في الإنترنت المظلم، وهو ليس محدودًا به.
المنافسة على البيتكوين عالميّة. مع الوقت، سيجمع منتجو القيمة الأكبر الحصّة الأكبر من البيتكوين. إن الظنّ أنّ أصحاب الأنشطة الممنوعة سيجمعون حصّة في اقتصاد البيتكوين المستقبلي أكبر من حصتهم في اقتصاد الدولار اليوم ظن غير عقلاني. والمنادي بحظر البيتكوين مثله مثل الذي يخاف من ظلّه. فالحظر ليس عمليًّا (لا يمكن فرضه)، والنشاط الذي تريد هذه السياسة منعه يمكّن منه الدولار اليوم على نطاقات أوسع بكثير. الأمر يشبه أن ترمي الطفل مع ماء الحمام. نحن نقبل الجيّد والسيّئ، وندرك أن طبيعة البيتكوين الجوهرية تنفي عنّا أي خيار. التنازلات موجودة دائمًا، وفي هذه الحالة، استعمال البيتكوين لأغراض ممنوعة هو تنازل نقبله بسعادة مقابل الاستقرار المالي الذي تقدّمه لنا عملة عالمية لا يمكن التلاعب بها. كما في كل تقنية حديثة، ستجتمع القيمة عند الذين يستعملون البيتكوين أفضل وأعلى استعمال، وهو أمر لا يمكن أن يحدّده أحد غير السوق. الفائدة الحاصلة ليست خالية من التنازلات، وكما أن الإنترنت ليس لتجار المخدرات والإرهابيين، فكذلك البيتكوين ليس للمجرمين. البيتكوين للجميع.
«إنّ حماية البراءة أهمّ من عقاب الذنب، لأن الذنوب والجنايات كثيرة جدًّا في هذا العالم فلا يمكن عقابها جميعًا. ولكن إذا جيء بالبريء نفسه إلى المحكمة، ليُحكم عليه ربّما بالموت، سيقول المواطن حينئذ: ‹فعلي الصالح أو الشرير غير مهم، لأن البراءة نفسها لا تحميني›، فإذا ترسخت هذه الفكرة في ذهن المواطن، كان ذلك نهاية الأمان كلّه».
جون أدامز
«احكُم بحكمة، وأقلّ ما يمكن»
سام هيوستن
الفكرة الأخيرة (أسرق هنا من صفحة من كتاب مارتي بنت @martybent): سينظر التاريخ وراءه إلى روس أولبريخت، المؤسس المزعوم لموقع سِلك رود، وسيرى أنّه أفضل من جميع المصارفة المركزيين في كل مكان. لا لأجل المخدرات لكن لأجل البيتكوين.