تقنية

شبكة ليكويد Liquid Network

شبكة ليكويد

دفعت القيود المفترضة على شبكة البيتكوين –وهي غير قليلة– المطورين إلى ابتكار كثير من الحلول التي تحاول توسيع الشبكة. ظهرت محاولات كثيرة للتعامل مع هذه القيود، منها ما انشقّ عن البيتكوين، ومنها ما حاول توسيع الشبكة دون المساس بأوصافها الجوهرية. في عام 2018، أطلقت شركة بلوكستريم الرائدة في مجال البيتكوين شبكة ليكويد. تتيح الشبكة اليوم التسوية السريعة والسرّيّة للمعاملات في سلسلتها الخاصة.

ترتبط سلسلة كتل ليكويد بسلسلة كتل البيتكوين من خلال محفظة عديدة التواقيع، يتحكم بها اتحاد من المؤسسات. ينظّم الاتحاد عمليات إدخال البيتكوين إلى الشبكة (لا يُصدَر في الشبكة أي مقدار من البيتكوين الليكويدي إلا بعد أن يودَع هذا المقدار في محفظة الاتحاد). يضاف إلى هذا الاتحاد الفدرالي كيان جديد بين الحين والآخر. تمكّن الشبكة مستخدميها كذلك من إصدار عملاتهم وأصولهم الخاصة فيها، والتعامل فيما بينهم بها. ومن أهم الأصول الموجودة في الشبكة اليوم: دولارات تثر USDT (وأحيانا تسمى L-USDT إشارةً إلى اسم الشبكة)، والدولارات الكندية الليكويدية L-CAD، وغيرها كثير.

تاريخ شبكة ليكويد وميزاتها

في العاشر من أكتوبر 2018، أطلقت شركة بلوكستريم Blockstream الرائدة في مجال البيتكوين شبكة ليكويد. كان الهدف من الشبكة توسيع معاملات البيتكوين وتسريعها، في شبكة فدرالية لا يقوم عليها كيان مركزي. لا ينطبق على شبكة ليكويد وصف اللامركزية كما ينطبق على البيتكوين، لكنها حاولت أن تخفف من مشكلة الثقة هذه بإنشاء اتحاد فدرالي لإدارة الشبكة وتوقيع الكُتَل. شمل الاتحاد عند تأسيسه أهم منصات تجارة البيتكوين، منها مثلًا: بتفينكس Bitfinex وبتمكس BitMEX وشركات كثيرة أخرى. كانت هذه المنصات متوزعة جغرافيا لتحمي الشبكة من الإغلاق في حال أُغلقت إحدى المنصات أو اختُرِق أحد الكيانات.

من الميزات التي تمتعت الشبكة بها منذ إطلاقها:

  • قيامها على عملة البيتكوين الليكويدي، الذي يمكن استبداله بالبيتكوين (الحقيقي) في أي وقت، كما يمكن الاستبدال المقابل أيضًا.
  • إمكانية إصدار الأصول فيها، وهي الميزة التي جعلتها شبكة مناسبة للتجارة بالعملات الرقمية، لا سيما بعد أن أصدرت فيها شركة تثر Tether دولاراتها، واعتمدتها منصات عديدة (منها بتفينكس Bitfinex وبي تي إس إي BTSE، وغيرها).
  • المعاملات السرية، إذ لا يظهر عند استعراض سلسلة كتل ليكويد الأصل المتعامَل به ولا مقداره، إلا لأطراف المعاملة. تدفَع رسوم المعاملة بالبيتكوين الليكويدي، ويظهر مقداره في مستعرضات الكتل.
مثال عن معاملة سرية في شبكة ليكويد
مثال عن معاملة سرية في شبكة ليكويد

كيف حلّت شبكة ليكويد مسألة توسع البيتكوين؟

تتميّز سلسلة الكتل في ليكويد عن سلسلة كتل البيتكوين الرئيسة بأن إصدار الكُتَل فيها أسرع. يستغرق تعدين الكتلة في سلسلة كتل البيتكوين بالمتوسط 10 دقائق، أما في ليكويد فمدة الكتلة هي دقيقة واحدة. على هذا الأساس، وعلمًا أن حجم الكتلة في الشبكتين متساوٍ، تولّد شبكة ليكويد 10 أضعاف عدد الكتل الذي تولده شبكة البيتكوين الأصلية في الوحدة الزمنية. لكن حجم المعاملة السرية في سلسلة ليكويد أكبر من حجم المعاملة العادية في سلسلة البيتكوين، وهو ما يجعل عدد المعاملات الأقصى في الكتلة الواحدة أصغر. تستطيع الكتلة في سلسلة ليكويد أن تحوي ما بين 400 و600 معاملة، أما في البيتكوين فتحوي الكتلة ما بين 2,000 و4,000 معاملة. يعوّض عن هذا الفرق سرعة إصدار الكتل في شبكة ليكويد. في حين تستطيع سلسلة البيتكوين معالجة ما بين 12,000 معاملة و24,000 معاملة في الساعة، تستطيع ليكويد معالجة ما بين 24,000 معاملة و36,000 معاملة.

تتميز الشبكة كذلك بأن الحد الأدنى للرسوم هو عُشر ساتوشي للميغابايت الافتراضي، أما في البيتكوين فهو ساتوشي واحد على الأقل. تُدفَع رسوم المعاملات للقائمين على الشبكة، الذين يعملون على إدارتها وتحديثها وتيسير عمليات إدخال البيتكوين فيها وإخراجه منها. ولكنهم لا يشغّلون أي خوارزميات برهان عمل لإصدار الكتلة، خلافًا للمعدنين في البيتكوين. يختلف مجتمع مصدري الكتل في شبكة ليكويد عن مجتمع المعدنين في البيتكوين من جهة أخرى، هي أن مجتمع المعدنين في البيتكوين مفتوح للجميع، أما إضافة عضو جديد إلى اتحاد القائمين على ليكويد فتجري بعملية تصويت من أعضاء الاتحاد.

انتقادات ومقارنات

لا يرى الجميع في شبكة ليكويد (أو السلاسل الجانبية بعموم) حلًّا مثاليًّا لمسألة توسيع البيتكوين، لأسباب عديدة منها:

  • لا يُعقَل توسيع سلسلة كتل بسلسلة كُتَل، لأن تقنية سلسلة الكتل في حد ذاتها محدودة، أي لها حدّ أقصى لا تستطيع أن تتجاوزه من المعاملات أو السرعة أو غير ذلك.
  • الشبكة مركزية، وإن ادّعت غير ذلك، ولا شيء يسوّغ رسوم المعاملات فيها.
  • لا فرق بين البيتكوين الليكويدي والبيتكوين المغلَّف في إثيريوم أو أي شبكة أخرى، بعبارة أخرى: الشبكة تنافس شبكة البيتكوين.

بسبب أول نقطة، تعمل شركة بلوكستريم التي أطلقت الشبكة على حلول توسيع أخرى، منها تطبيقهم لشبكة البرق Core Lightning ومنها دعمهم للبحث في تقنية المصكّات الفدرالية Federal Mints. أما النقطة الثانية، فقد حاولت الشبكة توسيع اتحادها بأعضاء جدد متنوعين، لكن هذا لا يجعلها بحال من الأحوال شبكة لامركزية. يفضّل بعض الناس أن يقولوا إنها على أرض وسط بين المركزية واللامركزية، ويقولون إنها شبكة فدرالية. وأما النقطة الأخيرة، فيرد عليها مؤيدو الشبكة بأن الشبكة تعتمد في رسوم معاملاتها على البيتكوين، وهو ما يجعلها مما يعزز البيتكوين لا مما ينافسه وينازعه. بعبارة أخرى: إذا أخرَج الجميع بيتكويناتهم من شبكة ليكويد إلى شبكة البيتكوين الأم، ستتوقف الأولى عن العمل. وهذا هو الذي يميز شبكة ليكويد (أو غيرها منا الشبكات الجانبية) عن سلاسل الكتل المستقلة كإثيريوم أو غيرها.

شبكة ليكويد وشبكة البرق

البنية

تختلف شبكة ليكويد عن شبكة البرق في بنيتها الأساسية. فأما شبكة البرق فتعتمد على قنوات سيولة تُفتَح بين العُقَد وتُدفَع فيها السيولة من مكان إلى آخر، وأما شبكة ليكويد فهي سلسلة كتل لا حاجة للمستخدم العادي أو المتوسط حتى أن يشغّل عقدة فيها. لكل بنية من البنيتين محاسن ومساوئ. تسهّل بنية شبكة ليكويد الاستخدام العادي دون الحاجة إلى عقدة، كما تتيح الحيازة الذاتية بسهولة، وتتميز على شبكة البرق بأن فيها أصولًا غير البيتكوين يمكن التعامل بها، مثل دولارات تثر وغيرها من الأصول التي يصدرها الأفراد والمؤسسات في سلسلة الكتل. أما شبكة البرق، فهي أقرب إلى اللامركزية، والحيازة الذاتية ليست سهلة فيها، ولا يمكن (إلى يومنا هذا) التعامل فيها بأصول سوى البيتكوين، ولو أن الأمر قيد التطوير.

النجاح والاعتماد

من حيث النجاح، لنا أن نقول إن شبكة البرق حققت نجاحًا أكبر من ليكويد. يبلغ إجمالي البيتكوين في قنوات شبكة البرق العامة قرابة 4,800 بيتكوين، أما البيتكوين المقفول في ليكويد فلا يتجاوز 3,600 بيتكوين. يدل هذا على أن أصحاب البيتكوين يرغبون في استعمال شبكة البرق أكثر. قد يمكن تفسير هذه الرغبة بأن شبكة البرق تتيح لمستخدميها الاستفادة من القنوات التي يفتحونها ماليًّا. في الوقت الذي تدفَع فيه رسوم شبكة ليكويد إلى القائمين على الشبكة، تُدفَع رسوم شبكة البرق إلى أصحاب العُقَد التي توجه السيولة في القنوات. أما المنصات فقد اعتمدت بعض المنصات شبكة ليكويد، لكن يبدو أن العدد الأكبر منها اعتمد شبكة البرق للسحب السريع.

الرسوم والسرعة

في شبكة البرق، كلما زاد مقدار البيتكوين المرسَل، زادت رسوم الإرسال، ذلك أن الرسوم تؤخذ نسبةً من المقدار المرسل في كل عقدة. أما في شبكة ليكويد، فلا أهمية للمقدار المرسَل، المهم هو حجم المعاملة (بالبايت). لا تزيد رسوم المعاملة العادية في شبكة ليكويد عن 260 ساتوشي، مهما كان المقدار المرسَل، أما في شبكة البرق، فالأمر يعتمد على أصحاب العقد والنسَب التي يضبطون بها عُقَدهم. لذلك يمكن القول إن شبكة البرق أنسَب للمعاملات الصغيرة، أما شبكة ليكويد فهي أنسب للمعاملات الكبيرة التي يُراد إتمامها بسرعة. تختلف الشبكتان في سرعة إتمام المعاملات، فأما شبكة البرق فالمعاملات فيها فورية تقريبًا (حسب طول مسار الدفع)، أما زمن الكتلة في سلسلة ليكويد فهو دقيقة واحدة. علمًا أن التسوية النهائية تجري في كتلتين، ولا تتراكم كما في سلسلة البيتكوين الرئيسة.

وجه المقارنةشبكة البرقشبكة ليكويد
البنيةشبكة قنوات سيولةسلسلة كتل
الاعتمادفيها ~4,800 بيتكوينفيها 3,600 بيتكوين
الرسومتابعة للمقدار المرسَلتابعة لحجم المعاملة (بالبايت)
السرعةفوريّة (حسب طول مسار الدفع)دقيقة واحدة
جدول مقارنة بين شبكة البرق وشبكة ليكويد

شبكة ليكويد والمصكات الفدرالية

خلافًا لشبكة ليكويد وشبكة البرق، لم تزل المصكّات الفدرالية Fedimints تقنية حديثة لم تتح التعامل بها أي محفظة بعد. لهذا السبب، لا يمكن أن نضع كثيرًا من المعلومات عنها خارج خانة التخمين. تتيح المصكّات الفدرالية للمجتمعات التعامل بالبيتكوين بطريقة تشبه التعامل بالنقد العادي. يقوم المصكّ بإدارة محفظة متعددة التواقيع ويصدر بالساتوشيّات التي فيها صكوكًا Notes يمكن التعامل بها مع مستخدمي المصك الآخرين. لا يمكن وصف المصك بأنه شبكة، لكن هو برمجية خلفية تسهّل حيازة البيتكوين على الأفراد العاديين. تبدو هذه التقنية الحديثة واعدة بالنسبة لكثير من الناس، لكنها في الوقت نفسه تثير انتقادات عديدة وجدلًا كبيرًا.

تديرُ شبكة ليكويد إدارة فدرالية أيضًا، لكن الفرق أنها تنطوي على سلسلة كتل، خلافًا للمصكات الفدرالية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يمكن القول إن المصكات الفدرالية تمنح مستخدميها خصوصية أكبر، لأن المعاملات النقدية فيها سرية، لا يعرف المتعاملين فيها أحد، حتى القائمون على المصك. تتميز المصكات على شبكة ليكويد بأنها متوافقة مع شبكة البرق، أي: تتيح استلام الساتوشيات من شبكة البرق، ودفعها فيها. وقد تدعم بعض المصكات أيضًا أصولًا وعملات غير البيتكوين، كما تفعل ليكويد. تشتمل المصكات الفدرالية على مخاطر غير موجودة في شبكة ليكويد، منها خطر البَخس، إذ لا يستطيع المستخدم العادي في المصك أن يتحقق من عدد الصكوك المصدَرة، وإن كان يستطيع التحقق من الأصول. قد تتفوق المصكات الفدرالية على شبكة ليكويد من جهة انخفاض الرسوم، لكن هذا سيبقى في علم الغيب إلى أن نشهد أول محفظة مصك فدرالي في السوق.

وجه المقارنةالمصكات الفدراليةشبكة ليكويد
البنيةشبكة اتصالات عادية تصل المحافظ فيما بينها وتصلها بخوادم المصكسلسلة كتل
الاعتمادفيها 3,600 بيتكوين
الرسومحسب سياسة المصكتابعة لحجم المعاملة (بالبايت)
السرعةفورية (على الأرجح)دقيقة واحدة
مقارنة بين المصكات الفدرالية وشبكة ليكويد

شبكة ليكويد وشبكة سيكوينشا SEQUENTIA

الصفحة الرئيسة في موقع مشروع شبكة سيكوينشا

شبكة سيكوينشا هي مشروع سلسلة جانبية ينافس ليكويد. تقوم الشبكتان على الأساس البرمجي نفسه، وهو برمجية Elements مفتوحة المصدر، التي تتيح تطوير سلاسل كتل جانبية أو مستقلة. لم تطلَق هذه السلسلة بعد، لكن القائمين عليها يؤكدون على امتلاكها بعض الميزات المختلفة عن ليكويد، منها:

  • التوافق مع شبكة البرق
  • التزامن مع شبكة البيتكوين
  • قبول رسوم المعاملات بأي أصل في الشبكة (إذا كان يقبله المعدّن الذي عدّن الكتلة)
  • سهولة إدخال البيتكوين فيها وإخراجه منها

وغير ذلك من الميزات، لكن يبدو لي أن سلسلة الكتل هذه ستواجه بدورها بعضًا من الانتقادات التي واجهتها ليكويد، وإن كانت ربما أقدَر على تجنّب بعضها.

كيف أستعمل شبكة ليكويد

تدعم محافظ عديدة ومنصات عديدة التعامل في ليكويد، سأذكر هنا بعضًا منها، وسألحق بكل واحدة أذكرها شرحًا موجزًا.

محفظة ومنصة سايد سواب SideSwap

من واجهة موقع سايد سواب

بفضل الطبيعة المتعددة الأصول لشبكة ليكويد، استطاع فريق سايد سواب SideSwap أن يطوّر منصّة تجارة لا يتخلى مستخدمها عن حيازة أمواله. بعبارة أخرى: في سايد سواب، تستطيع أن تحافظ على أموالك في محفظتك (التي تملك وحدَك بذرتها)، وأن تتاجر بها في التطبيق نفسه، دون أن تحتاج إلى طرف ثالث تأتمنه على المال.

تتوفر المحفظة لكل نظم التشغيل تقريبًا، ويمكنك استعمالها لإدخال البيتكوين إلى شبكة ليكويد وإخراجه منها، كما يمكنك استعماها لتبديل البيتكوين بدولارات تثر، أو العكس. يتيح التطبيق أيضًا إضافة طلبات تجارية إلى سجل الطلبات، وقبول هذه الطلبات وإجراءها على الشبكة مباشرة، في معاملة واحدة تسمّى التبديل الذرّي Atomic Swap.

يتوفر التطبيق باللغة العربية والإنكليزية وبعض اللغات الأخرى.

محفظة كوينوس Coinos

واجهة الدخول في موقع كوينوس الكلاسيكي

كوينوس هي محفظة على الإنترنت متعددة الشبكات تتيح نقل البيتكوين من شبكة إلى أخرى، وتأخذ على ذلك رسوم تحويل. تتميز المحفظة بسهولة استخدامها من أي متصفح، وبما تتيحه من نقل مجاني بين الحسابات المسجلة فيها. خذ حذرك: هذه المحفظة حيازية ومركزية، وقد تخسر أموالك فيها.

منصة BTSE

صورة من الواجهة الرئيسة للمنصة

تدعم منصة BTSE السحب والإيداع عبر ليكويد، ومن أهم ميزاتها أنها تتيح السحب فيها برسوم منخفضة. تبلغ رسوم السحب على شبكة البيتكوين الأصلية 50 ألف ساتوشي، أما رسوم السحب على شبكة ليكويد فهي ألف ساتوشي فقط. تتيح المنصة التعامل دون التعريف بالهوية ما دام التعامل مقتصرًا على العملات الرقمية.

خاتمة

يدعم بعض أهم مناصري البيتكوين شبكة ليكويد، ومنهم آدم باك، الذي ذكره ساتوشي في الورقة البيضاء للبيتكوين، والذي أسس شركة بلوكستريم الرائدة في تطوير التقنيات المعززة للبيتكوين. في الوقت نفسه، يحافظ بعض الناس على موقف حذر منها، لأسباب يرونها محقة وكافية. لقد قدّمت في هذا المقال لمحة سريعة عن الموضوع، لعلّها تساعدك على تكوين موقفك منه ورأيك فيه. لكن الذي لا شك فيه أن شبكة ليكويد محاولة قوية ومعتبرة لحلّ أهم القيود المفترضة في البيتكوين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى