مجتمع وثقافة

شباب غزة والبيتكوين

متنفساً من براثن الحصار

‏تابع شباب غزة ، كالكثيرين حول العالم ، قرار جمهورية افريقيا الوسطى اعتماد البيتكوين كعملة رسمية للبلاد وبذلك تكون هي ثاني دولة بعد السلفادور تفعل ذلك.

هكذا خبر يزيد من الأمل في نفوس اهل غزة ويزيد الثقة في هذه العملة الرقمية التي أحدثت نقلة نوعية نحو التحرر المالي والابتعاد عن المركزية.

الشباب في غزة وجدوا في البيتكوين متنفساً لهم للخروج من براثن الحصار الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي على غزة منذ 2007.

والبيتكوين لما له من مميزات اهمها اللامركزية بحيث لا يستطيع الاحتلال التحكم في ما يدخل لقطاع غزة أو يعرف من أرسل و لمن أرسل، هذه الخاصية جعلته قبلة الكثير من شباب غزة للاستثمار فيه بل للعمل في مجالات عدة وقطاعات مختلفة منها التكنولوجيا وتداول العملات والتعليم عن بعد.

يقبع قطاع غزة تحت الحصار منذ 15 عاماً وهو حصار عسكري وسياسي واقتصادي يعزل غزة عن العالم مما جعله الأكثر فقرأ والأعلى في نسبة البطالة ومنع الخريجين من فرص العمل في أكثر من مجال، بل كان سوطاً مسلطاً في وجه كل شاب طامح في حياة كريمة.

يتحكم الاحتلال في معابر قطاع غزة ويسيطر على البحر بحيث لا يستطيع أحد دخول غزة أو الخروج منها إلا بإذنه، كما يمنع دخول المواد الأولية ، هذا المنع الذي من شأنه منع ولادة أي صناعة محلية، كما يحرم السوق الزراعي الغزاوي مِن الاستفادة من المعابر في تصدير المنتجات الزراعية خارج غزة. أدى ذلك كله إلى تفاقم الوضع الإنساني في القطاع.

ويأمل الشباب في غزة الاستفادة قدر الإمكان من البيتكوين الذي يتصف باللامركزية فلا سلطة للاحتلال عليه، كما انه من السهل التعامل به بالإضافة الى الموثوقية التي يمتع بها عبر طبقاته المتعددة، كل ذلك جعل الشباب في غزة عازماً على الدخول إلى هذا العالم.

فمنهم الخريج الذي وجد البيتكوين فرصة للعمل عبر الانترنت كالتدريس عن بعد في العديد من التخصصات وتقاضي الأجر بعملة البيتكوين دون رقابة من الاحتلال.

فهذا ” أحمد ” خريج اللغة العربية من جامعة الأزهر بغزة ؛ والذي بعد تخرجه لم يجد فرصةً للعمل في السوق المحلي ، اخبره احد اصدقاؤه من الولايات المتحدة بانه هناك أسرة عربية تسكن الولايات المتحدة وتريد مدرساً لاولادها للغة العربية، كانت البداية صعبة ولكن بدأ أحمد تدريس أبناء هذه العائلة عبر تطبيق الزوم وكانت المشكلة في كيفية إرسال أجر التدريس الى غزة حيث يسكن أحمد فالتشديد الإسرائيلي يمنع ذلك. لجأ أحمد الى انشاء محفظة الكترونية واخبر العائلة في الولايات المتحدة وتم ارسال اول دفعة بالبيتكوين الى احمد وقد قام “بتكييش” المبلغ ، أي تحويله للعملة الورقية . كانت فرحة احمد لا توصف بنجاح الطريقة وقلة تكلفة التحويل وحفظ خصوصيته ، طوّر احمد عمله مع عدة عائلات في الخارج في اوربا والولايات المتحدة واصبح البيتكوين هو الوسيلة الأكثر اماناً والاشد وثوقاً في تعاملاته، ويعمل الآن بشكل مستمر بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في أوروبا و الولايات المتحدة عبر تطبيق الزوم وتطبيقات أخرى ويتم الدفع له في كل مرة بالبيتكوين.

ومنهم  ” علي ”  خريج ثانوية عامة والذي لم يسعفه وضع عائلته المادي لاكمال دراسته الجامعية ، وقد كان قد تعلّم بعض مهارات البرمجة والتصميم عبر  الانترنت ، واصبح قادر على انتاج وتصميم بعض الاعمال البسيطة عبر برنامجي فوتوشوب و  CorelDraw وكان يسوّق هذه الاعمال بين أصدقائه ، ومن خلال الانترنت تعلم ان يسوق اعماله عبر الانترنت ولاقت رواجاً ، ومع تطور البيتكوين وتعزيز مكانتها في السوق العالمي عمل على اخذ اجره  لأعماله بالبيتكوين لما تمتاز بسرعة  في التحويل  وقلة تكلفة التحويل وحفظ الخصوصية ،وكان ذلك مصدرًا لرزقه عبر الشبكة العنكبوتية، والان هو يستكمل دراسته الجامعية في تخصص الوسائط المتعددة والانترنت في احدى جامعات غزة. 

وكذلك  ” إبراهيم ” والذي يعمل في محل صيانة وبيع الكمبيوترات سمع عن البيتكوين في أواخر عام 2019م ، الكثير من زبائنه كان يسأل عنها وكيفية العمل والاستثمار فيها، درس عن العملة وعن المستقبل الذي ينتظرها،  ووجد بعد ذلك في البيتكوين عملة تستحق الاستثمار فيها بالقليل فوضع بعض ما يملك فيها وفي كل شهر قرر ان يضع بعض الدولارات ليشتري بقيمتها بعض أجزاء البيتكوين ” الساتوشي ” والان بعد عامين ونصف يعتقد انه يمتلك ما يستر به نفسه ويطمح بذلك في الحصول على بعض الربح على المدى المتوسط والبعيد، إبراهيم شجع العديد من أصدقائه على الاستثمار في هذه العملة لما لها من مستقبل واعد. 

لذا وجد بعض شباب غزة ضالتهم في البيتكوين من أجل القفز عن سياسات الحصار التي تتحكم بقطاع غزة، ومع الوقت سيزداد العمل وسينضم إليهم المزيد من أجل أن يكونوا من السبّاقين في هذا المجال.

الصورة من المركز الفلسطيني للإعلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى