مجتمع وثقافة

أثر البيتكوين على الحقوق والحريات الفردية

من الواضح أن للبيتكوين تأثيراً كبيراً على الحقوق والحريات الفردية؛ وذلك للخصائص التي ينفرد بها والتي شكلت ثورةً في عالم المال، وهنا نستعرض الآثار المتوقعة جراء تبني البيتكوين كمخزن للقيمة ووسيط تبادل بين أفراد المجتمع.

من شأن ابتكار ساتوشي أن يساعد بشكل كبیر مئات الملایین من الناس الذین لا یملكون حسابات بنكیة أو
أوراق هویة رسمیة في امتلاك واستخدام الأموال. فما يلزمهم هو هاتف واتصال بالإنترنت وحسب، وبإمكان
أكثر الناس المعرضین للمخاطر في الكوكب استقبال البیتكوین من أي أحد بشكل سریع ورخیص دون
أدنى إمكانیة تنصت أو خطر اعتقال.

كتاب بيتكوين الصغير

كما أن البيتكوين يُنشئ سوقاً عالمياً حقيقياً للبضائع والخدمات، سوقاً تتجاوز الحدود بل وتمهد الطريق لتكافؤ الفرص للجميع.

ويمثل البيتكوين حجر الأساس لعالم تملك فيه الأنظمة والشركات قدراً أقل من التحكم؛ وفي المقابل يكون للناس قدراً أكبر من الحرية في حياتهم وقراراتهم الشخصية. 

كتاب بيتكوين الصغير

والبيتكوين وبعد تطوره وبالأخص مع وجود شبكة البرق سيكون أداة مهمة في السعي من أجل الحقوق والحريات الفردية، وشبكة البرق والتي هي شبكة تم بناؤها على الطبقة الثانية لشبكة البيتكوين من أجل زيادة سرعة التحويلات والعدد الذي تستطيع شبكة البيتكوين تحمله، بالإضافة أنها تدعم خصوصية الأفراد، الأمر الذي يعزز من حريتهم المالية بعيداً عن هجوم وتدخل الآخرين.

ومن الطبيعي أن المعاملات الدقيقة للبيتكوين، والتسويات السريعة له وبالأخص شبكة البرق، وقاعدة المستخدمين التي تتنامي بازدياد؛ ستجبر التجار على تحديد الأسعار باستخدام عملة البيتكوين. 

وفي ظل وجود البيتكوين سيتعين على الحكومات أن تكون أكثر تحفزاً لإيجاد طرق أقل تكلفة لتسوية الخلافات الموجودة في داخل أراضيها، وفي عالم يكون فيه تخزين الثروة بالبيتكوين هو المعيار؛ لن تكون هناك فقاعات المضاربة في العقارات والأسهم والمعادن. 

وعندما يحكم البيتكوين سيكون هناك عدد أقل من حالات الانفجار السكاني الناتج عن التضخم؛ إذ سيشتري عدد أقل من الأجانب قطعاً كبيرة من المعروض السكني في المدينة دون خطط للعيش هناك. 

كتاب بيتكوين الصغير

ستصبح الدول قادرة على تسوية الصفقات بعملة البيتكوين ودون هيمنة الدول الغنية على حساب الدول الفقيرة ولا نفوذ لأمريكا أو لروسيا وللصين في حال سيطرة البيتكوين، وسيقلص نفوذ البنوك المركزية الغير مبرر، حيث يمكن لأي شخص أن تخزين مدخراته بعيداً عن البنوك المركزية؛ مما يتيح مدخرات حقيقية تحتفظ بقيمتها مع مرور الوقت. 

بل ستتمكن الدول الفقيرة من بناء ثروتها؛ مما يسمح للشركات المحلية فيها بالظهور وبناء البنية التحتية والخدمات ويجلب لهذه الدول الرفاهية والاستقرار الاقتصادي، وتحتفظ بأبنائها للعيش والبناء فيها بدلاً من هجرتهم للدول الغنية وتعمير أرضاً غير أرضهم.

وستتقلص البنوك التي نمت بشكل أساسي وكبير بسبب علاقاتها الخاصة مع الأشخاص ذوي النفوذ في الحكومات وسيطرتهم على أموال الناس. فلن تتمكن تلك البنوك والشركات الكبرى من الاعتماد على حزمات الإنقاذ الحكومية كلما ارتكبت أخطاء، مثلما حدث في الأزمة المالية عام 2008م.

أول خطوة لاعتماد البيتكوين هي استخدامه كمخزن للقيمة، وهي ‏المرحلة التي يقوم فيها المدّخرون في جميع أنحاء العالم بحماية أنفسهم وأموالهم من التضخم في عملاتهم المحلية. ‏ومع تفضيل المزيد من أصحاب رؤوس والتجار لعملة البيتكوين ، سيرتفع الطلب عليها بسرعة كما ارتفع الطلب على الدولار الأمريكي بعد “صدمة نيكسون” وجعل الدولار العملة عالمية.

ونظرا لأن البيتكوين ستكون أكثر ما يرغب فيه لتخزین القیمة، فإن حلقة النتائج الإیجابیة ستؤدي إلى انخفاض قیمة العدید من العملات الأخرى بشكل كبیر.

كتاب بيتكوين الصغير

يؤمّن البيتكوين حرية الإنسان بطريقةٍ لم يكن أحدٌ يتصور أنها ممكنة في القرن الواحد والعشرين. فيمكن الأفراد من تثبيت قيمة عملهم الشاق، وتخزين ثروتهم كمعلومات رقمية، والذي يساعد على تجنب سطوة الحكومات والمؤسسات على التحكم بشكل اعتباطي بكيفية تخزين أو نقل الأفراد لأموالهم. 

لقد استطاع البيتكوين تغيير معايير العالم في إرسال واستقبال الدفعات والإيداعات خارج حدود البلاد؛ فعندما ترسل البيتكوين فلا يوجد طرف وسيط يستطيع مراقبة الحوالة أو تسريب المعلومات الشخصية الخاصة بمُرسل الحوالة.

يمثل البيتكوين أداة لتحمل المسؤولية؛ أي أنها تمنح الناس تحكماً كاملاً في ما يملكون من البيتكوين، ويمكن للبيتكوين أن يساعد المضطهدين والأشخاص الذين ليس لديهم وصول لخدمات مصرفية عندما لا توجد لديهم خيارات أخرى. 

ومع نمو البنية التحتية للبيتكوين وتبادل الأفراد المحلي في السنوات القادمة، سيكون لذلك تأثير كبير على المساعدات الخارجية والإنسانية، ولأن خسارة المستهلكين للسرية المالية في ازدياد، فالحل سيكون متمثلاً بشبكة البرق، وهي شبكة للدفع تم بناؤها على الطبقة الثانية لشبكة البيتكوين، ولا تسجل شبكة البرق تفاصيل كل تحويل على سلسلة الكتل بشكل مباشر، والهدف من شبكة البرق زيادة سرعة التحويلات والعدد الذي تستطيع شبكة البيتكوين تحمّله، وإثر تحقيق هذا الهدف تتحقق أيضاً الخصوصية كأثر جانبي.

ربما لا يظهر لغير المطلع سرعة تبني البيتكوين والفوائد العائدة على الأفراد والمجتمعات. لكن وكما المقولة الشهيرة: لن يتحول البيتكوين من أمر معدوم إلى شكل مستقر للمال بين ليلة وضحاها. سينتشر البيتكوين في البداية رويدًا، ثم فجأة.

                                                                                  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى